Skip to main content

(مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ…!)

By الثلاثاء 24 جمادى الأولى 1443هـ 28-12-2021ممقالات

نذارةٌ من جوامع الكلم، وبيانٌ من هدي البشير النذير، أطْرقُ به مسامعَ المسلمين اليوم، لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا! والتحذير الذي أريد، والخطر الذي أخاف، والخلل الذي أرفض وجوده في المسلمين، كل أولئك ليس طارئا جديدا فجأنا، ولا بلاء غريباً نزل بنا اليوم، ولا عيبا خفياً بدأ يظهر لم نكن نعرفه! إنّما واقع أليم نعيشه، بداياته بعيدة في عمق الماضي، والحياة المعاصرة بكل سلبياتها تزيده وضوحا، وتمكنه منا فيمعن إفسادا، وتغذيه بأخطائها فيكبر وينتشر! فما هي الحكاية؟
تجربة خضتها طويلا، ولازلت، وأسأل الله القبول والثبات والعون، وهي الدعوة إلى الله على بصيرة، والطبيعي أنَّ التَّماسَّ المباشر، والتواصل الدائم، والخوض المستمر، مع الناس، من لوازم الدعوة إلى الله. وقد لازمني منذ بدأت القيام بهذا الواجب الكبير، همٌ ولا زال يكبر معي، ومع الخلل الذي يتنامى بدل الضمور! ويستشري وينتشر بدل الانحسار! وما هو هذا الهم؟ إنّه واقع التدين الذي يسجل باستمرار تباعدا عن الأصول، وتخالفا مع الاتباع، وهذا ملحوظ في عبادات المسلمين ومساجدهم وكل تجمعاتهم الدينية، ولا ينكره إلا مكابر! ومَنْ أحرى بإدراك ذلك الخلل من الدعاة إلى الله على بصيرة؟!
المسلمون اليوم، في كل ديارهم، إلا من رحم الله، لا يمثلون الالتزام الكامل بما جاء في الوحيين، الكتاب والسنة. وقد صدقت فيهم نبوءة نبيهم عليه الصلاة والسلام، وأصابهم التفرق الذي حذرهم منه، وصار أهل الفرق الناكبة عن منهج (ما أنا عليه وأصحابي) هم الأكثرين في الأمة، فصار أمرها فرطا! وضلت عنهم أصول هذا الدين وعلى رأسها الاتباع! وللذكرى أقول: إنّ دين الإسلام الحق لا يقوم إلا على ثلاثة أنواع من الاتباع:
1. اتباع نصوص الوحيين (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ).
2. اتباع النبي الأمي صلى الله عليه وسلم (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
3. اتباع سبيل المؤمنين، وبخاصة أهل القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً).
ويا للحسرة! فالأكثرون من المسلمين، في شتى ديارهم، لا يضربون المثل المقبول في الاتباع. بل أحلوا التقليد محل الاتباع، وأخروا النصوص وقدموا الرجال، وساد مرض إعجاب كل ذي رأي برأيه! وكل ذلك يعطي باستمرار مادة بل وقودا للتفرق والاختلاف والتباعد بين المسلمين، ليقعوا في التنازع الذي حذرهم منه ربهم في قوله تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ). ولَمَّا علموا يقينا ما يلقون من فشلٍ وذهاب ريح، وتسلط الأعداء، كما حذرهم ربهم، أمعنوا في بعدهم وإعراضهم وصدهم، فلم يلتفتوا للحل الذي أرشدهم إليه ربهم: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا). ولا أقول: إنّ من العجب أن لا يفعلوا ذلك، بل أقول: إنّ مما يُدمي القلب أن تجد معظم نُخبهم في غفلةٍ عن موطن الدَّاء، ومكمن الدواء، فيغفلون عن التفكير في أنّ الله لم ينزل إلى الناس كتاباً، ولم يبعث إليهم رسولاً، إلا ليكونوا صفاً في حركتهم، ويتحدوا قلباً وقولاً وعملاً في التزامهم بما أنزل إليهم ربهم. لكنّهم بدل ذلك، راحوا يبحثون عن سبلٍ توحدهم أمام ما يواجهون من تحديات كبيرة ولم يتفكروا في قول ربهم تبارك وتعالى، مخاطبا نبيه عليه الصلاة والسلام (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، والتي تبين بمنتهى الوضوح والبساطة، أنَّ توحيد مصدر التلقي هو وحْدَهُ الذي يحقق الوحدة، ولا شيء غيره! أما المسلمون اليوم فيُعملون عقولهم، ونُخبهم في مقدمتهم، بحثا عن سبيلٍ للعزة والقوة والوحدة، وهم عن السبيل الوحيد إلى ما ينشدون ذاهلون، إنّه الوحي الذي بين أيديهم! ولو عمل نخبهم بما يعلمون، إذن لعلًموا وبلغوا وأنذروا، قومهم، فتبدل الحال غير الحال، لكنّهم، واحرَّ قلباه، في الغفلة سواء!!!
ومع أنَّ الفرد المسلم هو المسؤول الأول عن صحة تدينه لقوله تعالى (بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُولكن للإنصاف والواقعية، أقول: إنّ المذهبية، مهما زُيِّنَ سوؤها، تبقى بعيدةً عن روح الإسلام، كلَّ البعد، وقد أقحمت في حياة المسلمين الدينية، حتى صارت أصلاً من أصول الإسلام! وفي الوقت نفسه أصلاً لكل فشلهم وضعفهم وخذلانهم! وفي المسلمين علماء ودعاة يؤكدون ويرون وجوب التمذهب، وأنّه ليس متطفلا على دين الإسلام، وأنّه ضرورة ملحة لصالح انتشار الإسلام، بعد أن اتسعت رقعته، وزادت أعداد الداخلين فيه، ما اقتضى ظهور المذهبية، وهذا الكلام تبريريٌ تلبيسيٌ، وليس تعليلياً تفسيرياً، ومن هنا كانت جرثومة الانحراف.
إنّ خلطا كبيرا جرى بين ظهور علماء أفذاذ في كل بقعة من ديار المسلمين، ولا بد من خلال تحكيم النظرة العلمية البحتة، من التأكيد أنّ من الطبيعي جداً أن تختلف اجتهادات أولئك العلماء في بعض المسائل لأسبابٍ موضوعيةٍ مبرَّرَةٍ، وقد جمعها ابن تيمية رحمه الله في رسالة سماها (رفع الملام عن الأئمة الأعلام). وبين أن يُصَوَّر للمسلمين أنّ الأئمة الأربعة كانوا مؤسسين لمذاهب أربعة، لازمة وضرورية لاستيعاب النشاط الفقهي الكبير الذي وجد بين المسلمين، في مرحلة ذهبية من تاريخ الإسلام، ولتتواكب تلك الاجتهتادات المختلفة مع تعدد الثقافات التي بدأت تلتقي في البلدان المسلمة خارج الجزيرة العربية. ولابد من كلمةِ حقٍ تقالُ، ولو أنكرها من أنكرها، حتى من العلماء، إنّ المذهبية فتحت باب مخالفة النصوص، وتقديم آراء الرجال على النصوص، ما أسهم في إيجاد خلل كبير في نظرة المسلمين إلى نصوص الوحيين، وما أدى إلى إضعاف قدسيتها، حين نافستها اجتهادات العقل البشري، وقُدمت عليها، في معترك العقل مع النص التي ابتدعها فكر الاعتزال، وكان عامل هدم، ولا يزال. وحتى مسائل العقيدة الإسلامية لم تسلم من هذه البدعة المحدثة، وبعض كتب التفسير والاعتقاد تشهد لذلك.

حتى اللحظة، لم أدخل في صلب الموضوع. وكل ما كان، إما تذكرة، والذكرى تنفع المؤمنين، أو توطئة للموضوع وتمهيد. وأبين الموضوع الذي أود التعاطي معه، فأقول:
إنّ الجديد عندي، والذي حفزني إلى الكتابة، وقفةٌ وقفتها مع حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وجدته يحكي حال المسلمين اليوم. وهو حال لا يخفى على أحدٍ، يلازم المسلمين منذ قرون، ولا أقول إنّي الوحيد الذي شخَّص هذا المرض، حاشايَ أن أفعل، ولكنّي واحد ممن أصغى لمن سبقوا من المصلحين، وفهم ما إليه يتوقون، وأمَضَّهُ الخذلان الذي ووجهوا به ممن كانوا حولهم يعيشون، فًصممت أن أدلي بدلوي، لعلي أجد ممن حولي معوانا لتحقيق ذاك الهدف الثمين، وتقرَّ عيني بإصلاحٍ تاق إليه الأولون، لكنّهم لم يجدوا من أهل الأرض المعين. وممن يحسن ذكرهم وضربهم مثلاً، ابن تيمية وابن القيم والشوكاني، ومن المعاصرين شيخنا الألباني، أسأل الله لهم حسن الثواب، وأن يجعلني وغيري اليوم، من أهل منهج (ما أنا عليه وأصحابي)، خيرَ خلفٍ لهم، وهم خير السلف.
أرجو للفكرة الرئيسة، وهي حال المسلمين التي لا تسر، أن تُشَخَّصَ للقاريء بوضوح وموضوعية، في أنّها بعدٌ عن الوحي بإصرار وتصميم، يورث جدالا عقيما، يقوم على مضغ الباطل القديم الذي تذرعت به الفرق الناكبة عن منهج الوحي (ما أناعليه وأصحابي)، والتي توعدها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث الافتراق، المفترى عليه، حتى من بعض أهل العلم! ولا زال في الناس من يذكي نار الاختلاف لشرعنته، وإيهام الناس أنّه أصل في دين الإسلام، وإحلال البدع مكان الوحي. وفي الناس سماعون لتلك الدعوات الباطلة الخائبة، وفيهم نخب! لقد صار يتحدث في الدين كلُّ أحدٍ، حتى الرويبضة، بل بعضهم يتصدر المجالس! ولنقرأ ذلك الحديث، الذي تقوم به الحجة على المسلمين، برغم المكابرة والهروب! حديثٌ من نبوءاته صلى الله عليه وسلم، التي تحذر المسلمين من شرور يوقعون بها أنفسهم، إن عزفوا عن وحي ربهم، فتتجارى بهم الأهواء: عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ. ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}).
وهاهم قد وقعوا في ذلك الشر الذي حذرهم منه نبيهم. وفي ذاكرتي صورة لا تبرحها، حتى لكأنّها نقشت نقشاً، لمجالس شهدتها، بل وشاركت فيها، بقصد التصحيح والإصلاح، ولم أنل خيرا، وسيأتي ذكر السبب. قوم يجتمعون، ويبدؤون مناقشة موضوعات سياسية وشرعية، فيهدؤون ويصخبون، ويخطئون ويصيبون، ويرضون ويغضبون، ويكون بعد ذاك الانفضاض قرب منتصف الليل، وبأحلى الابتسامات والكلمات يُودِّعون ويُودَّعون. تلك صورة عن لقاءات تعتبر نافعة وجادة بنظر أصحابها، لأنّها اهتمت بالكلام الجاد في الشأن العام، ولم يضيع الوقت في ما لا طائل تحته، يزعمون! ومنذ وقت بعيد صرت أُسمّي تلك اللقاءات (إسلام الصالونات)، وأحفظ الحق لأهله، فقد كانت العبارة ردا من أحد الأصدقاء، وكنا قد دعينا إلى المجلس. ولما سألته عن رأيه بالجلسة قال: (إسلام صالونات). والتسمية تدل تماما على المقصود، فالحديث عن الدين حاضرٌ فعلا في تلك اللقاءات، ولكنَّ أداته ووسيلته غائبة، وهي العلم! وكما أنّ كل إنسان يزعم أنّه يحسن الكلام في السياسة، لأنّه يقرأ الصحف ويستمع إلى نشرات الأخبار، وذلك عنده تأهيلٌ كافٍ للخوض في الشأن السياسي، ويحتفظ لنفسه بالحق في الخوض في الكلام في الدين بالطريقة نفسها، لأنَّ بعض الفضائيات التي تسمي نفسها إسلامية، تقدم باستمرار نشرات أخبارٍ إسلامية!
وأريد أن أتكلم قليلا عن (بروتوكولات) تواضَع عليها أهل تلك الجلسات (إسلام الصالونات)، لضمان استمراها! من هذه البروتوكولات؛ (الاختلاف رحمة، محاولة توحيد الناس على رأيٍ واحد يخالف سنة الله في خلقه، ويحتجون لهذا الكلام الباطل بالفهم الباطل لآية هود (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ). ثم يؤكدون على الأدب الذي تُفترضُ مراعاتُه في تلك الجلسات، وهو التزام احترام الجميع، النقد البناء، الرأي والرأي الآخر، أدب الحوار، كلامنا صواب يحتمل الخطأ، وكلام غيرنا خطأٌ يحتمل الصواب…). وإذا كان مستوى الجلسة فوق العادي، أضيفَ (بروتوكولٌ) جديد، وهو (نتعاون في ما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا في ما اختلفنا فيه). مرت سنون بل عقودٌ من الزمن كانت كلها عِجافاً، لا تعرف الإصلاح، وتؤكد الانحراف، تلك هي (إسلام الصالونات)، وفيها ومنها التي ضَاع الدين.

ومن كلمات هذا الحديث العظيم أرفع عقيرتي، في وجه كل مسلم، يريد الله واليوم الآخر، لوقفة مع الذات، وثورة على النفس، ورفض للواقع، ومراجعة للحساب، وسأحدد ما أريد قوله بعدد من الوقفات:
الوقفة الأولى: إنَّ المسلمين لا يزالون لا يفرقون بين الكلام في الشأن العام والسياسة وبين الكلام في الدين. وماذا يتأتّى عن ذلك؟ والجواب عن ذلك، الذي يتأتى شرٌ عظيم! لماذا؟ إنّ الكلام في السياسة والشأن العام ليس له مرجعية. والزادُ فيه سماع نشرات الأخبار، وقراءة الصحف، ومع ذلك فإنّ هذا المصدر لا يؤهل للخوض في السياسة والشأن العام، لأنّ ذينك المصدرين يتحدثان عن السياسة التي تدار (من فوق الطاولة)، والسياسة الفاعلة حقيقةً في عالم اليوم هي التي تمرر (من تحتها). على كل حال فإنّ الناس اعتادوا أن يُزْجوا أوقاتهم بهذه الأحاديث، وتصبح في أكثر الأحيان ضربا من الثرثرة، لأنّها بلا نتائج، ولا تهدف إلى أي تغيير! أما الواقع المعاصر فاستجد فيه، بسبب نوع الأحداث والتفاعلات، التي تجري في المنطقة العربية الإسلامية، إدخال الحديث في الدين! في تجمعات الناس، عواماً أو غير عوام، وفي الغالب، هم خليطٌ من كل الأطياف! وهنا تبدأ المشكلة ولا تنتهي. وقد يقول لي قائل: أما بدء المشكلة فنفهمه، لكن كيف تحكم بأنّها لا تنتهي؟ أقول: حقاً سألتَ، فالبشر لا يعلمون الغيب، ولكنّي لا أرى هذه المشكلة الكبيرة التي لزمت معظم تجمعات الناس ولقاءاتهم، تزعج أحدا، بل تريحهم ولا يتمنون تغييرها، هذا هو المقصود. وسيأتي بإذن الله تفصيل في كلام قادم.
وما الخطورة أو المشكلة، في أن يتحدث الناس في الدين في مجالسهم، كما يتحدثون في السياسة والشأن العام؟
إنَّ مكمنَ الخطورة أنّ الدين لا يجوز لأحدٍ الكلامُ فيه إلا بشرطين؛ أولهما التزام مرجعيته وهي نصوص الوحيين الكتاب والسنة الصحيحة، وما يدور في فلكهما من أقوال العلماء واستنباطاتهم ضمن قواعد محددة معروفة عند أهل العلم. وأما ثاني الشرطين فهو أهلية المتكلم، فليس كل أحد مؤهلاً للكلام في دين الله، ولو كان يحمل أعلى المؤهلات في علوم كونية أخرى، فللكلام في الدين تأهيلٌ خاص، يتمتع به طالبُ علمٍ مثابر، أو عالمٌ متخصصٌ! أما أصحاب الثقافة التي لا عمق لها ولا أساس ولا لون، والتي اعتاد أصحابها التطفل على كل فن، فيقال لهم المثل العربي (ليس هذا بِعُشِّكِ فادْرُجي). وكل كلام في الدين خارج تلك الأُطُرِ المذكورة لا يسلم من الخطأ، والتمادي فيه يصل بالفاعل إلى القول على الله بغير علم، وهو ما يعتبر أكبر المحرمات التي ذكرها ربنا في آية الأعراف، بترتيب تصاعدي (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ). ولْنعلم أن دأب الشيطان أنْ يوقعنا في هذه المصيبة الكبرى، ولنقرأ قول ربنا: (وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
كما أنّ للمشكلة محذورا آخر، وهو وقوع المتطفل في مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ). وعَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ حَدَّثَ عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ). وحديث النبي عليه الصلاة والسلام: (مَنْ تَقول عَليّ ما لم أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ).
إذن الكلام في الدين ليس كلأً مباحا لكل أحدِ يقول ما يشاء، وليس لتزجية الوقت وإحياء السهرات والمناسبات. إنّما هو ذكر لله وبيان وتعليم للناس، ليعرفوا أوامر ربهم ونواهيه. ولا مانع من أن تستغل اجتماعات الناس لذلك، بالضوابط التي ذكرناها قبلاً، وهي الانضباط بمرجعية نصوص الوحيين، وأقوال العلماء المطابقة لذلك. وأن يقوم بذلك المؤهلون شرعياً.
وبكل أسف نقول: إنّ كثيرا من لقاءات المسلمين في بلادنا، ابتليت بهذا الداء الوبيل الذي يكرس الخطأ، ويستبعد الإصلاح، والظاهرة لا هدف لها إلا تزجية الوقت، وإثبات حضور الذات، وليس لذلك العمل من كلفة إلا الجرأة والتطفل، (وأن يهرف المرء بما لا يعرف).

الوقفة الثانية: ولنتأمل بعنايةٍ وقلبٍ واعٍ الحديث السابق، لنحسن توظيفه، ولنجد طريق الخروج من واقعنا المنكوب! وأهم نقطة تسترعي النظر، ترتيبٌ لحالات ثلاث؛ يمر بها القوم المعنيون، ومَنِ القومُ إلا نحن؟ هُدىً عَمَّهم، ثم ضلالٌ أصابهم، ثم جدلٌ أوتوه! ولنستعرض مجالس الناس، الذين يزعمون أنّهم يحملون هم الإسلام، وأهم ما يتواصون به في مجالسهم، وقد وصفت ذلك بإسهاب قبل قليل! لنجد الناس يقومون عن مجلسهم وهم فخورون بالروح التي كانت تسود المجلس من الموضوعية التامة، مُتمثلةً باحترام الرأي المخالف، واتساع الصدر لقبول الآخر، وما أراهم إلا وقد أمضوا السنين، لم يتقدموا شبراً، ولم يحققوا أمراً، لصالحهم الشخصي أو لصالح المسلمين التائهين في صحراء الحداثة والاستنارة والعصرانية والعقلانية، وأخيرا الصفوية، وكل ما فعلوه في جلساتهم لغط وجدل أوتوه من كسب أيديهم، وليس نشداناً للحق، أو بحثاً عن الحقيقة. فمن يحرك هذا الركود؟ ويبدد هذا السكون؟ ويرفع صوت التغيير؟
لا بد أن يعيد المسلمون النظر في كثير مما هم عليه، ولا بد للنخب من أن يعودوا إلى المنطلقات الثابتة الصحيحة التي توافق المنهج، لِيَرُودوا الناس في الجولة القادمة. ولنلفت النظر إلى بؤرة المشكلة، التي تتحدد في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظة الجدل! ولننظر تعريف الجدل في لسان العرب: (الجَدَل، وَهُوَ شدَّة الخصومة. وفي الْحَدِيثِ (مَا أُوتيَ الجَدَلَ قومٌ إِلَّا ضَلُّوا)، وقد يكون الجَدَل: مُقَابَلَةُ الْحُجَّةِ بِالْحُجَّةِ؛ وَالْمُجَادَلَةُ: الْمُنَاظَرَةُ وَالْمُخَاصَمَةُ، وَالْمُرَادُ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الجَدَلُ عَلَى الْبَاطِلِ وطَلَبُ الْمُغَالَبَةِ بِهِ لَا إَظهار الْحَقِّ فإِن ذَلِكَ مَحْمُودٌ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ. وَيُقَالُ: إِنّه لَجَدِل إِذا كَانَ شَدِيدَ الخِصام، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ، قَالُوا مَعْنَاهُ لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَن يُجَادِلَ أَخاه فَيُخْرِجَهُ إِلى مَا لَا يَنْبَغِي).
إنّ روح العصر التي تسود لقاءات الناس، التي يسمونها إسلامية، قد حل فيها الفكر بدلاً عن الوحي، ويعمرها المفكرون بدلا من العلماء، ويعلو فيها صوت الجدل بديلا عن ثوابت المنهج ونصوص الوحيين. ولذلك صدقت في أصحاب هذه الأحوال النبوءة النبوية. ضلالة تعقب الهدى كما في الحديث. وهل يأتي الفكر الذي لا يعرف الوحي، إلا بحوارٍ هو كحرث البحر، وطحن الهواء، جعجعةٌ بلا طِحْنِ، فأنّى للمسلين الصلاح والإصلاح، وأهل تلك المجالس، والمتحاورون فيها هم (الخصمون)، كما وصفهم الحديث، نقلا كما ذكرهم القرآن (مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ).
وليعُد المسلمون، من تحت ركام وظلام الماضي الآثم البائس، إلى إعادة صياغة حياتهم من جديد، بعد أن يعترفوا بأخطائهم ومغامراتهم التي أوقعهم فيها البعد عن الوحيين. وليسخروا كل تجمعاتهم لمدارسة ومعالجة الواقع المأزوم، ويلقوا وراءهم العوائد التي كانوا عليها من تضييع الوقت والمجلس في كلام بعيد عن الواقع، وغريب أن ينشغل به المهزومون والمنكوبون. وليأخذ أهل العلم مكانهم، بدل أن يزاحمهم عليه المغرضون أو العوام الجاهلون!

الوقفة الثالثة: أليس عجيبا، أن يلتقي المسلمون اليوم، لِيُنَظِّروا في واقعهم المأزوم، وإلى مستقبلهم التائه، ولم يُعدوا من عدةٍ للإصلاح، إلا اجترار كلام أجوف، لاكته ألسن المرجفين والمكذبين على مرِّ قرون. أولمْ يَقْرأِ المسلمون في الكتاب الكريم قول ربهم: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ). وهل يخفى على أي مسلم، أنّ من لم يجد الكفاية لمعالجة كل خلل عند المسلمين بما أنزل الله من فوق سبع سماوات، وراح يبحث عن الكفاية في عقول البشر، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، وهو من الخاسرين.
كما أنّ من اعتقد أنّ مساحات من متطلبات الحياة المعاصرة ومقتضياتها على الأرض، لا يمكن أن يقوم بها إلا العقل البشري، بالعلم الذي أحرزه، والظواهر التي اكتشفها، فالعلم سيد الموقف، والوحي قاصر عن ذلك، أجل من اعتقد ذلك فليس مسلما وإن صلى وصام وزكى وحج.
فالمسلمُ الذي آمن بالله رباً، وبمحمد نبياً، وبالإسلام ديناً، وبالقرآن كتاباً، يؤمن بيقين أنّ كلَّ مُشكلاتِ العيش على هذا الكوكب، حلولُها في الالتزام بالوحي الذي أُنْزِلَ مِنْ فوق سبع سموات. والاكتفاء به كما جاء في الآية المذكورة قبل قليل. ومن لم يجد الكفاية لمعالجة كل خلل، في ما أنزل الله، فليس بواجدها عند أحد في الكون. والتغييرات الكبرى في هذا الوجود لا يقدر عليها إلا الله، وليس على المؤمنين إلا العمل لتغيير أنفسهم، ليصلوا إلى أهلية أن يغير الله لهم. وهذه المسألة محسومة مخصومة في قول ربنا: (إنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ). فإذا رأينا، عند أكثر المسلمين اليوم، البعد والإعراض عن الوحيين منهجاً، والاحتكام إلى العقول والعوائد مرجعاً، فمن المعلوم ضرورة عندئذ أنّ التدين صوريٌ، وأنّ منهج العمل أرضيٌ، وهل في ذلك خيرٌ يُرجى؟ ولذلك طال أمد الانحراف، وصار الطريق إلى الخلاص تسده الأهواء، فلا النوايا محررةٌ متجردةٌ لطاعة الله، ولا العملُ منضبطٌ بهدي رسول الله! وأوشك المسلمون أن يكونوا من المخاطبين بقوله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ).
وحين يتزاحم في سوحنا الفشل مع الفشل، وتتتالى الفتن بعد الفتن حتى يرقق بعضها بعضا، ويتداعى الأمم على المسلمين كما يتداعى الأكلة إلى قصعتها، فلا ينفع حينئذٍ العكوف على النتائج لإصلاحها، ولا التصدي للعواصف لإيقافها، ولا التلاوم والندم. إنّما المعول يكون على ترك المقدمات الخاطئة التي أنتجت المشكلات، وأورثت النتائج المدمرة. فهل إلى خروج من سبيل؟!؟! الجواب في الوقفة التالية، بإذن الله.

الوقفة الرابعة: خلصنا أخيرا إلى القول، إنّ الوقوف مع النتائج لم يعد مُجدياً، وصار الإصلاح ضروريا في الجذور والأصول. وللاختصار أسرد ما يأتي دون تفصيل فلقد كثر الحديث في كل ذلك.
أولاً: آن للمسلمين أن يعلموا أنّ العمل بمنهج (ما أنا عليه وأصحابي) صار واجبا حتميا وليس لأحد في ذلك خيار. (فما أنا عليه وأصحابي) عبارة خرجت من بين شفتي نبينا عليه الصلاة والسلام، وهي حُكما وحيٌ لا يقبل الأخذ والرد. ومن تطاول على حديث الافتراق، دفاعا عن وجود الفرق التي توعدها نبي الأمة، ماذا يقول في آية البقرة (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، لاشك أنّ هذه الآية هي أصلٌ للمعنى الذي جاء في حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: إنّ غياب الأمة المسلمة، أو غثائيتها، قد أيدته النصوص والوقائع، فصار حقيقة لا تقبل الجدل. وهو سبب لكل نازلة وكل تراجع وفشل!. ولا يزال هذا الهدفُ الاستراتيجي معلقاً ينتظر العمل. وقومنا، وقد نزلت بهم النوازل، لا زالوا يلهيهم الأمل والجدل! ولاشك أنّه قد غاب بغياب الأمة كل خير، وعلى رأس ذلك ذهاب الدولة المسلمة على منهاج النبوة، وضاع معها الإمام الذي وصفه النبي عليه السلام بكلمتين تغنيان عن مطولات الحديث (الإمامُ جُنَّة). جاء في شرح النووي على مسلم: (أَيْ كَالسِّتْرِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَدُوَّ مِنْ أَذَى الْمُسْلِمِينَ، وَيَمْنَعُ النَّاسَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَيَحْمِي بَيْضَةَ الْإِسْلَامِ، وَيَتَّقِيهِ النَّاسُ، وَيَخَافُونَ سَطْوَتَهُ، وَمَعْنَى يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ، أَيْ يُقَاتَلُ مَعَهُ الْكُفَّارُ وَالْبُغَاةُ وَالْخَوَارِجُ وَسَائِرُ أَهْلِ الْفَسَادِ وَالظُّلْمِ مُطْلَقًا). فماذا بقي للمسلمين، من مقومات السيادة والعزة؟!
كما أنّه قد ضاع على المسلمين من الفرص الكثير، والزمن لا ينتظر أحد، ويعجبني مثل إنكليزي ترجمته (إنّ الوقت والمَدَّ والجَزْرَ لا ينتظران أحد). وإنّ الجهد الرئيسي للإصلاح يجب أن يتركز على استرداد الأمة الغائبة، أو تفعيل الأمة الغثائية، فهو المشروع العظيم الذي يجب أن تتعاون على تحقيقه كل العقول والسواعد والإرادات، وتبذل لصالحه كل الطاقات، بعد أن يتحد الجميع على منهج (ما أنا عليه وأصحابي)، بعد أن جرب المسلمون في القرن الماضي كل الطرق، لرفع شأنهم، وإصلاح أحوالهم، وإقالة عثراتهم، وصد عدوهم، وقد وضعوا، وحي ربهم جانبا، مصغين ومصدقين لمن خدعوهم، فقالوا دعوا الوحي للمساجد وما يتصل بها، ولا نقول اهجروه! أما معركتكم مع الحياة، والتنافس مع أهل الأرض، فله طرائق أخرى، (وأنتم أعلم بشؤون دنياكم)، فظنوا أنّ الرائد لا يكذب أهله، فصدقوا الكاذب وكذبوا الصدوق، وائتمنوا الخائن، وخونوا الأمين، ثم أفاقوا بعد طول سبات ليجدوا أنفسهم في سراب بقيعة…! ولعل ظلمة ركام الماضي المتعثر، بل المنكوب، تفتح من جديد نواظرهم على الأفق الإسلامي الذي أعرضوا عنه، بمَلْكِهِمْ، والله غفور رحيم، ثم يبدؤون البداية الصحيحة.

والله ولي التوفيق