بين يدي الموضوع:
في العنوان غموض ولا بد من إيضاح..! ضمادُ بن ثعلبة الأزْدي، من قبيلة أزدِ شَنُوءَةَ في اليمن .. صحابيٌ رضي الله عنه، له قصة إسلام عجيبة ومثيرة، لها فوائد ذات طيف واسع، لكل من كان له قلب .. ودرس بليغ لأهل الدعوة إلى الله .. وإذن فالقصة وتداعياتها وعبرها هي محور الحديث.
ولعل من أصول الصنعة، ولا أقول من أسرارها، أن لا أزهد وأنا أكتب، وألا تزهدوا وأنتم تقرؤون، بمقدمة تعبيء القارئ أو السامع، فتحفز كل مشاعره، وملكاته وعواطفه، لما سيتلقى. وتستدعي جل قدراته، في الالتقاط والاستيعاب، وقراءة ما بين السطور، ليحقق الكلام مراميَه، ويُنجح الكاتب مساعيَه، وَيَبلغ القاريء بالعلم أمانيَه.
من ذلك، ولذلك كله أقول:
ضِمادٌ نموذجٌ
للموضوعية والانفتاح على الحق، باستبعاد الهوى، وإغلاق كل منافذ التعصب الصاد، وفتحِ كل النوافذ للفطرة السليمة، ورفض المقولة التي كانت على كل لسانٍ في بني قومه (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ).
ضِمادٌ هو النموذج للاستجابة السريعة، بل الفورية، للحق، وحسم الأمر بسرعة تتناسب مع قوة الاقتناع. بعيدا عن مناورات الدرس، والتقويم، والمراجعة، وتقليب الأمور (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ)، وزئبقية المواقف، تمييعاً للاستجابة، ورفضاً للحق .. وكل ذلك ديدن الكثير من المسلمين اليوم حين يواجَهون بالحقائق والأدلة الشرعية.
ضِمادٌ نموذجٌ لمن يعرف الحق، ويَصْغَى إليه، ولا يتردد في أن يجند نفسه له، ملتزماً ومبشراً وداعياً وحارساً، بل ومفاصلاً عليه.
أيها القارئ .. أليس المسلمون اليوم، أحوجَ ما يكونون إلى أن يكون بين ظهرانيهم رجال حاضرون في كل موقف، كان فيه ضمادُ بن ثعلبة نموذجاً، على نحو ما فصلنا قبلاً..؟ ولعلي لا أكون أبعدت النجعة، إن شاء الله، إن قلت: ما أزرى بمسلمي زماننا، وأحلهم دار الهوان؛ هوانٌ على ربهم، وهوانٌ على الناس، وهوانٌ حتى على أنفسهم، إلا غيابُ (النموذجِ
الضِّماديِّ) في تعاملهم مع دينهم، ومع تشكيل تدينهم..! فتفرقت بهم السبل، وفرقتهم الأهواء، وعصفت بأمتهم رغبتُهم عن وحي السماء. فباتوا مشتتين خارج سياجِ، بل حصنِ الأمة، مكشوفين لا تُنَزَّل عليهم سكينة، ولا تغشاهم رحمة..!
ولنقرأ الآن تلك القصة العجيبة:
أخرج مسلمٌ والبيهقيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: (أَنَّ ضِمَاداً قَدِمَ مَكَّةَ، مِنْ أزْدِ شَنُوءَةَ. وَكَانَ يَرْقي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ، فَسَمِعَ سُفهاء مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَقُولُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ فَقَالَ: لَوْ أَنِّي رَأَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَشْفِيَهُ عَلَى يديَّ قَالَ: فلَقِيَهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنِّي أَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ وَإِنَّ اللَّهَ يَشْفِي عَلَى يديَّ مَنْ شَاءَ فَهَلْ لَكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ومَنْ يُضلل فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ: أَمَّا بَعْدُ) فَقَالَ: أعِدْ عَلَيَّ كَلِمَاتِكَ هَذِهِ فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ، وَقَوْلَ السَّحرة، وقَوْلَ الشُّعَرَاءِ
فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ، (وفي بعض الروايات:
وقد بلغنَ قاموس البحر)، هَاتِ يَدَكَ أُبايعك عَلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(وَعَلَى قَوْمِكَ)؟ فَقَالَ: وَعَلَى قَوْمِي قَالَ: فَبَايَعَهُ. فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فمرُّوا بِقَوْمِهِ فَقَالَ صَاحِبُ السَّرِيَّةِ لِلْجَيْشِ: هَلْ أَصَبْتُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا؟ فَقَالُ رَجُلٌ من القوم: أصبت منهم مَطْهَرَةً قال: ردُّوه؛ فإنّ هؤلاء قوم ضِمادٍ).
شرح بعض العبارات:
(كَانَ يَرْقي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ): أي: يداوي بالقراءة ونحوها من الجنون ومن مس الجن.
(فَهَلْ لَكَ؟): أي هل لك حاجة في أن أرقيك؟
(وقد بلغنَ قاموس البحر): قاموس البحر وسطه، أو لجته التي تضطرب أمواجها، ولا تستقر مياهها، وقال بعضهم أقصى قاعه. وهي لفظة عربية صحيحة. وتعتبر العبارة من أعظم الثناء على فصاحة الكلام وقوة تأثيره.
(وَعَلَى قَوْمِكَ؟):
أي: وهل تبايعني، أيضا، على دعوة قومك إلى الإسلام الذي بايعتَ عليه؟
(هَلْ أَصَبْتُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا): هل أخذتم منهم شيئا تعتبرونه غنيمة؟
(مَطْهَرَةً): المطهرة: الإناء الذي يُتوضأ منه ويُتطهر به.
مراجعة بعض المواقف في قصة ضماد رضي الله عنه:
أولاً: (وَكَانَ يَرْقي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ، فَسَمِعَ سُفهاء مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَقُولُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ فَقَالَ: لَوْ أَنِّي رَأَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَشْفِيَهُ عَلَى يديَّ).
توحي هذه العبارة أنّ اللقاء بين النبي صلى الله عليه وسلم وضمادٍ لم يكن مخططاً له من قِبَل ضماد، ولم يأتِ من اليمن إلى مكة بهذه النية ولا لهذا الغرض .. إذن كل ما جرى من تداعيات عقب هذا اللقاء، كان عفوَ الخاطر من ضماد. وماذا يعني ذلك؟ إنّه شهادة كبيرة لشخصية فذة. لقد سمع ضماد قول أهل مكة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يكاد يكون مجمعا عليه عند كبرائها، فلم يعبأ بذلك، وكان توجهه في التحرك ليس بداعي كفره وعداوته للحق، وإنّما منسجما مع مهنة ضماد الإنسانية في القراءة على من بهم مسٌ لشفائهم. ومن هنا كان ذلك اللقاء.
وأرجع إلى عبارة (عفو الخاطر) التي استعملتها قبل قليل واصفا بها تداعيات ما بعد ذلك اللقاء، فهل تعني أن ما كان، كان ارتجالاً من ضماد؟ لا .. إنّ له مظهر الارتجال، لكنّه في حقيقته أهم وأخطر قرار يواجهه بشر، وهو الانسلاخ من دين الآباء والأجداد إلى دين جديد في البيئة، يتوقع كل المناوئين له النهاية القريبة .. ولا ننسى الأحوال التي كانت سائدة في العهد المكي، وأنّ قريشاً كانت مُسْتَنْمِرةً على الإسلام ونبيه، والفئة القليلة التي دخلت فيه .. ما المغزى إذن؟
إنّ تلك الشخصية الفذة لا زالت تتحرك بالفطرة التي أودعها الله تبارك وتعالى في نسل آدم عليه السلام، ليكونوا مهيئين بما ركزه الله في فطرتهم، لاستقبال الحق الذي يأتي إلى الخلق من خالقهم يوما من دهرهم، دون تلكؤٍ أو إعراض.
ولأهمية هذه النقطة عقدياً، حرصت ألا أفوت فرصة عرضها بأدلتها، إيضاحا لها ما دمنا نتحدث عن شخصية دخلت في التجربة التي نتحدث عنها، فيعين ذلك القارئ على دقة الفهم، بإذن الله:
إنّ الله خلق البشر لعمارة الأرض، وإقامة الحق والعدل فيها (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ). يقول الشيخ السعدي في تفسير الآية: ({هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْضِ} أي: خلقكم فيها {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} أي: استخلفكم فيها، وأنعم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة، ومكنكم في الأرض، تبنون، وتغرسون، وتزرعون، وتحرثون ما شئتم، وتنتفعون بمنافعها، وتستغلون مصالحها، فكما أنّه لا شريك له في جميع ذلك، فلا تشركوا به في عبادته. {فَاسْتَغْفِرُوهُ} مما صدر منكم، من الكفر، والشرك، والمعاصي، وأقلعوا عنها، {ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} أي: ارجعوا إليه بالتوبة النصوح، والإنابة، {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} أي: قريب ممن دعاه دعاء مسألة، أو دعاء عبادة، يجيبه بإعطائه سؤله، وقبول عبادته، وإثابته عليها، أجل الثواب).
ومن أجل أن يقوم البشر بمهمة الاستخلاف، كما يريد الله، فلا بد لهم من شرعة ومنهاج. فقد وعدهم ربهم بأن يأتيهم منه هدى (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)) يتعلمون منه ما يُنجحهم في المهمة التي خُلقوا لها. فكيف سيأتيهم ذلك وكيف سيستقبلونه، ويتقبلونه؟ فنحن أمام سؤالين مركزيين في المسألة:
أما الأول: فكيف سيأتيهم؟ فجوابه بسيط ومقتضب، لقد أرسل الله إلى البشر رسلاً، وأنزل إليهم كتباً، فقامت بذلك عليهم حجة الله (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
وأما السؤال الآخر: كيف سيستقبلونه ويتقبلونه؟ فله جواب مهم جدا، لكنّه غير مقتضب، فإليكموه:
لما قضى الله بعلمه وحكمته أن يجعل في الأرض خليفة، من بني آدم، وأرسل إليهم الرسل وأنزل إليهم الكتب (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) أمرهم أن يؤمنوا ويعلموا ويعملوا .. ولما كان الخالق أعلم بأمر المخلوق وحاله (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)، وعلم بوساوس نفسه وأهوائه وضلاله (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) أعان الرحمن الرحيم خلقه على أنفسهم الأمارة بالسوء، بجعلهم حنفاء في أصل خلقهم. ومعنى حنفاء أي مائلين، وإلى أي شيء يميلون؟ ففي قواميس اللغة: (الحنف: هو ميل عن الضلال إلى الاستقامة، والجنف: ميل عن الاستقامة إلى الضلال). ويكون المعنى أنّ الله جعل في أصل خلق بني آدم فطرة ميلهم إلى الحق الذي يأتي من الخالق تبارك وتعالى. ويكون هذا الأمر الرباني الرحيم في أشياء ثلاثة:
1. ما يسميه علماء العقيدة (الميثاق الأول)، وبيانه في هذه الآية: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ).
2. الفطرة التي فطر الله عليها الناس، وبيانه في حديثين:
. (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ). ثُمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: (فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا) الْآيَة).
. (وإِنّي خلقت عبَادي حنفَاء كلهم وَإنَّهُ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا).
3. ما يعرف عند العلماء (بالحجة الرسالية) وما الحجة الرسالية؟
الحجة الرسالية هي إرسال الرسل من الله تبارك وتعالى إلى الناس، لتأكيد قيام حجة الله تبارك وتعالى عليهم بالرسل. يقول تعالى (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا). ويقول: (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا).
ومن رحمة الله تعالى بعباده أنّه لا يعذبهم، ولا يأخذهم بالميثاق الأول، والفطرة، وكلاهما كانا في عالم الغيب، كما مر. بل أرسل الله تبارك وتعالى الرسل ومعهم الكتب المنزلة، فيؤكدون للناس ذلك، ويُذكرونهم بذينك الميثاقين في عالم الشهادة، فتقوم الحجة عندئذ كاملة على الناس، ويكون رسلهم شهداء عليهم يوم القيامة (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ).
نرجع لنطبق هذا العلم على قصة إسلام ضماد رضي الله عنه. لقد لقي رسولَ الله بالميثاق الذي أخذه الله عليه، وبالفطرة التي فطره الله عليها، فلمّا سمع الحق من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الحجة الرسالية، استجاب فورا .. ولتضح الصورة بجلاء، نجري مقارنة بين ضماد وقد عرفنا قصة إسلامه، وأبي طالب عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كان أبو طالب، عمُّ الرسول صلى الله عليه وسلم، في الوقت الذي يرمي بكل ثقله في وجه قريش دفاعاً ونصرة لابن أخيه، أجل، كان في الوقت نفسه يعيش صراعاً بين الهوى ومن ورائه عدم الرغبة في الخروج عن دين الآباء والأجداد، والفطرة التي أودعها الله في كل نفس، كما مرَّ .. ومع أنّ أبا طالب كان على صلة وثيقة، وحبٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أعطاه الفرصة للاطلاع على الإسلام والشهادة أنّه حق .. وقد عبر عن هذا شعرا .. ومن ذلك قوله:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم |
حتى أوسد في التراب دفينا |
وفي اللحظة الفاصلة التي يمكن أن تغير كل شيء، يناشد النبي صلى الله عليه وسلم، عمَّه أن يتلفظ بآخر عبارة تكون له فيها النجاة، كما جاء عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: (لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ فَوَجَدَ عِنْدَهِ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ: (أَيْ عَمِّ قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ). فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ يَعْرِضُهَا عَلَيْه ، وَيُعِيدَانِهِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: (وَاللَّهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ). فَأَنْزَلَ اللَّهُ (مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ). وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِى أَبِى طَالِبٍ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ: (إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ)).
يعاند فطرته، ويخالف ما كان يصرح به من شهادته أن ما يدعو إليه ابن أخيه حق، مجاملةً ومسايرةً لصناديد قريش، كما رأينا في الحديث.
ثانياً: (فلَقِيَهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنِّي أَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ وَإِنَّ اللَّهَ يَشْفِي عَلَى يديَّ مَنْ شَاءَ فَهَلْ لَكَ).
في التعليق على هذا الموقف نؤكد ما سبق قوله: إنّ ضمادا ذهب إلى رسول الله تدفعه مهنته الإنسانية، فهو طبيب، ولا يمنع أن يجتمع مع ذلك الدافع قصدُ التكسب، وهذا لا يؤثر ولا يغير شيئا في تحليل قصة إسلام ضماد. والدرس الأساس في هذا الموقف استوفي في الفقرة السابقة.
لكن لا بد أن نستخلص من أسلوب الحوار، والألفاظ المستعملة، أنّ ضمادا لم يكن مشحونا بأي مشاعر سلبية كالكراهية والتحدي، ونقص الاحترام لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كدأب معظم أهل مكة في موقفهم من النبي عليه السلام. وذلك هيَّأ ضمادا لسرعة تقبل الحق.
وعبارات مثل: (وَإِنَّ اللَّهَ يَشْفِي عَلَى يديَّ مَنْ شَاءَ) تظهر ما أكدناه قبلاً، من أنّ ضمادا، وإن كان لا يزال من أهل الكفر، فإنّه تصدر منه عبارات وممارسات تشير إلى أنّ الرجل كان لا زال على الحياد في موقفه من الدين الجديد، ما يشي بأنّه يصدر عن فطرة غير مشوشة، وغير منحازة. كذلك فإنّ عبارة (فَهَلْ لَكَ) تُعتبر من عبارات الطلب المؤدب والمهذب، وهي أسلوب الكلام مع مخاطب يستحق الاحترام.
ثالثاً: (أعِدْ عَلَيَّ كَلِمَاتِكَ هَذِهِ فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ، وَقَوْلَ السَّحرة، وقَوْلَ الشُّعَرَاءِ
فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ) وفي بعض الروايات: (وقد بلغنَ قاموس البحر).
1. إنّ في استعادة ضمادٍ الكلام من رسول الله ثانية، ثم ما تلى ذلك من ثناء على الكلام، والثناءُ على الكلام ثناءٌ على قائله ولا شك. وهذا الموقف يسجل لضماد على أنّه، وإن كان قد تأخر إسلامه، فإنّه لم يكن يصدر في ذاك التأخر عن موقع عداء لرسول الله، ولدعوته الجديدة بين العرب، بل قد يكون التأخر بسبب التفكر وتقليب الأمر، لاتخاذ الموقف الحاسم، وقد اتُّخِذ.
2. كان من الواضح أنّ ضمادًا يختلف عما كان عليه عامة أهل الكفر في مكة، وهم عبدة أصنام، فنراه يعلَّق نجاح علاجه للناس على مشيئة الله (وَإِنَّ اللهَ يَشْفِي عَلَى يَدِي مَنْ شَاءَ). فهو موقف متطور نوعيا عن البيئة التي حوله، من ربط ما يصيبهم بالأصنام التي يعبدون. وهذا التميز في الفهم هو الذي جعل كلام الرسول صلى الله عليه وسلم في غاية التأثير على قلب ونفس ضماد، فأنتج استجابة فورية غير مترددة.
ونختم هذه الفقرة باستخلاص نتيجة، تَظهَر بجلاء في هذا الموقف من (قصة إسلام ضماد)، وهي أنّ الذي يكون له تميز أخلاقي، وسلوكي، في مواقفه المعتدلة مع الناس من حوله، سواء مع الموافق أو المخالف، هو أقرب للاستجابة لدعوة الحق، ممن يكون على خلاف ذلك.
وحين نذكر الأخلاق نتذكر أنّ ربنا نعى على الكفار أكثر من مرة، خُلق الكِبْر، الذي كان من عوامل صدهم عن الحق. (إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ). وفي آية أخرى: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ).
ونؤكد على أنّ تواضع ضماد في تعامله مع النبي عليه الصلاة والسلام كان واضح التميز عن مواقف كفار مكة معه عليه الصلاة والسلام. وإنّ هذا التميز يزود صاحبه ببوصلة توجهه دائما إلى الخير والصواب، وهذا الذي كان في قصة إسلام ضماد، التي انتهت، بقبوله السريع للحقَّ، لمجرَّد أن تَبيَّن له، وفتح الله قلبه للإسلام.
رابعاً: (هَاتِ يَدَكَ أُبايعك عَلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(وَعَلَى قَوْمِكَ)؟ فَقَالَ: وَعَلَى قَوْمِي قَالَ: فَبَايَعَهُ).
في هذا الموقف من قصة إسلام ضماد نؤكد على ملمح واحد، تنطوي عليه عبارتان متبادلتان (وَعَلَى قَوْمِكَ) و(وَعَلَى قَوْمِي). لمّا طلب ضمادٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمد يده للمبايعة قائلاً: (هَاتِ يَدَكَ أُبايعك عَلَى الْإِسْلَامِ) طلب الرسول عليه الصلاة والسلام بيعة زائدة عن المبايعة على الإسلام، حين قال: (وَعَلَى قَوْمِكَ). لقد كان مقصود النبي عليه الصلاة والسلام بايِعْني على الإسلام، وعلى دعوة قومك إلى الإسلام، وهو عهد ووعد بين ضماد والنبي، وسيسأله الله عنه .. فقبل ذلك ضماد وأجاب رسول الله (وَعَلَى قَوْمِي)، وتمت المبايعة.
وهنا تظهر في ضماد الشخصية الدعوية، وهي من لوازم دين الإسلام، ومن واجب من يدخل فيه، ولنتذكر قوله عليه السلام الذي صار شعارا لكل مسلم: (بَلِّغُوا عَنِّى وَلَوْ آيَةً). فقد جاء ضمادٌ مكة مشركا، وعاد منها إلى قومه في اليمن مُسْلماً، يحمل على عاتقيه هَمَّ ومُهمة الدعوة إلى الله، وأعظم بذلك (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
وباليسر نفسه الذي دخلت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم قلب ضمادٍ، دخلت الدعوة إلى الإسلام إلى اليمن، وإلى قلوب بني قومه، فأسلموا.
خامساً: (فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فمرُّوا بِقَوْمِهِ فَقَالَ صَاحِبُ السَّرِيَّةِ لِلْجَيْشِ: هَلْ أَصَبْتُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا؟ فَقَالُ رَجُلٌ من القوم: أصبت منهم مَطْهَرَةً قال: ردُّوه؛ فإن هؤلاء قوم ضِمادٍ) .
إنّ هذه السطور التي جاءت في آخر الحديث تدل على أنّ قوم ضماد أسلموا بالفعل. ودليل ذلك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أرسل سرية للقتال فمروا بقوم ضماد، ولما خرجوا سألهم قائدهم إذا ما كانوا قد أخذوا شيئا من قوم ضماد، على سبيل الغنيمة، فلما أخبره أحد الجند أنّه أصاب مطهرة، أُمِر بردها. لأنّ الغنائم لا تؤخذ إلا في قتال الكفار. ولم يكن الجند يعلمون أنّ قوم ضماد مسلمون، والحديث واضح.
خاتمة، وبيان، ونصيحة…
طال الموضوع ولم أقصد، لكن المحتوى وما له من مغزى كان عندي أقوى وأغلب من أي اعتبار آخر .. لقد هيمن على الحديث مقاربةُ شخصيةِ ضمادٍ رضي الله عنه، للتَّعَرُّف والتعريف به، وضربِه مثلا يُحتذى لكل شيء يفتقده المسلمون اليوم، ويفتقرون إليه .. ومن هذه الفكرة التي كانت تُلِحُّ عليَّ، كانت صياغة العنوان.
وما كان قصدي أن تستأثر شخصية ضماد الآسرة بكل الحديث، إنّما كنت أنوي التعريف أيضا بكنز من كنوز السنة، وهو تلك الكلمات التي نقلت الشخصية الفذة، التي كان الحديث عن جوانب منها، من الكفر إلى الإيمان بلحظاتٍ قدرَ ما يحتاجه سرد الكلمات. وهي التي يسميها المحدثون خطبة الحاجة .. وما ينقضي عجبي مما قاله ضماد رضي الله عنه كردِّ فعلٍ لسماع تلك الكلمات لأول مرة: (لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ، وَقَوْلَ السَّحرة، وقَوْلَ الشُّعَرَاءِ فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ) وفي بعض الروايات: (وقد بلغنَ قاموس البحر)).
وببالغ الأسف والأسى أقول: إنّ تلك الكلمات (خطبة الحاجة) التي قرأتم قصتها مع ضماد، وتأثيرها العظيم والمصيري في نفسه ووجدانه وكيانه، هي مِلْءُ أسماع وأبصار المسلمين اليوم، فهي على ألسنة الخطباء والدعاة، وهي تتصدر الصفحات لكل مادة إسلامية .. فما قصة المسلمين معها، وهل تفعل فيهم فعلها في ضماد؟
أما قول نعم، فجوابه الحمد لله .. وأما قول لا، فجوابه ليس المسلمون على خير..! وهم كذلك..! وعوداً على بدء أقول: أَلَيْسَ فِينَا (ضِمَادٌ) أَوْ شِبْهُ ضِمَادٍ…؟
هوانٌ ما بعده هوان .. حالُ المسلمين اليوم في كل ديارهم، يزدريهم كل أهل الأرض، ويتمالؤون على المكر بهم .. وحتى لا أطيل في عد الأسباب الموصلة لهذا الهوان أختصر الكلام، وأختزله في حديث نبوي، فيه توصيف الداء، ووصف الدواء .. وقد كان الشيخ الألباني رحمه الله كلما سئل عن أحوال المسلمين المتردية، وطرق معالجتها يذكر الحديث:
(إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل الله، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم).
وما أظن معانيَ ومراميَ الحديث خافية، لكني أحرص على رصف الكثير من الخطوط الحمراء تحت عبارة (سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم)، الذي يسلط الذل هو الذي ينزعه، بشرط واحد..! وعلاقة المسلمين بجهة واحدة .. والشرط الواحد: (حتى ترجعوا إلى دينكم). والجهة الواحدة:
الله تبارك وتعالى.
وخطبة الحاجة، التي كنت أنوي أن تحظى بعنايةٍ، كما حظيت قصة ضماد، لما فيها من
أصول الدين والتوحيد، وضوابط العمل، وللذي فعلت بضماد، لم تنل ذلك، فقد اختل معي ميزان القسمة، لكنّ الله يعوض إن شاء .. ولا تلوموني، فخطبة الحاجة لم تحظ بتركيز من العلماء عليها في القديم والحديث .. لذلك جرد الشيخ الألباني رحمه الله يراعه، ونثر كنانته، وألف رسالة أسماها: (خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه).
وهي ولا شك عملٌ غير مسبوق. فوفى بذاك الجهد الطيب تلك الخطبة حقها من الاهتمام، وأوصى بها بالقول وبالفعل. واستحضر ما جاء فيها من أحاديث، ودرس أسانيدها وخرجها بدقة .. ولم يسلم الشيخ رحمه الله ممن تعقبه من المعاصرين الذين يرون أنّ الشيخ بالغ في الكلام عن خطبة الحاجة. فرد مستدلا بروايات الأحاديث الصحيحة التي فاتت المتعقبين، وأشار إلى أحد منتقديه (بأحد الفضلاء).
وأضرب مثالا واحدا على تعقيبات المنتقدين، فقد فهموا عن الشيخ لشدة اهتمامه بالخطبة، أنّه يقول بفرضيتها، وقد رد في كتابه الموسوم (النصيحة) ما يأتي، قال رحمه الله:
(أولا: هي ليست فرضا حتى لا تترك بل قد يكون العكس هو الأصوب وهو تركها أحيانا حتى لا يتوهم أحد فرضيتها كما في حديث قيام رمضان: (أنّي خشيت أن تكتب عليكم).
ومما يدلل على أنّنا مدركون لذلك جيدا – ولله الحمد -: أنّني لم افتتح عددا من مؤلفاتي وتحقيقاتي بهذه الخطبة مثل كتاب “الإيمان” لابن أبي شيبة و”حجاب المرأة المسلمة” الطبعة الأولى و”تمام المنة” الطبعة الثانية و”آداب الزفاف” الطبعة الثانية ومن آخر ذلك مقدمتي على الطبعة الجديدة من المجلد الأول من “السلسلة الصحيحة” وغير ذلك كثير).
وأحب أن أنقل آخر الأسطر التي كتبها الشيخ في آخر خاتمة رسالة (الحاجة). يقول رحمه الله: (وخطبة الحاجة، هي الخطبة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه. وقد كانت أهملت في بعض السنين فأحياها بعض الأئمة كالإمام الطحاوي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن قيم الجوزية – رحمهم الله – وغيرهم.
ثم أهملت في القرون المتأخرة فجاء دورنا – ولله الحمد – في إحيائها. فألفت فيها الرسالة المعروفة “خطبة الحاجة” ونفع الله بها من شاء من محبي السنة وانتشر العمل بها في صدور الكتب والرسائل وفي خطب الجمع وغيرها – فلله المنة).
ولا أنسى أن أنصحكم بقراءة الرسالة … والحمد لله رب العالمين