Skip to main content

حُكْمُ الأَذَانِ لِلمُنْفَرِدِ

By الثلاثاء 12 صفر 1437هـ 24-11-2015ممحرم 20, 1441بحوث ومسائل, فقه

لدى مراجعة معظم بل كل كتب الفقه في باب الأذان نرى العبارات الآتية:

. الاذان: هو الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة.

. الأذان: هو في اللغه الإعلام، وفي الشرع إعلام بدخول وقت الصلاة أو قربه.

ثم يأتي بعد ذلك كلام شرعي عن حكم الأذان، وعن أجر المؤذنين إلى غير ذلك من موضوعات فقهية.

لكنّ الكثير من كتب الفقه لما ركزت على تعريف الأذان السابق استقر في أذهان كثير من المسلمين أنّ الأذان هو كأي وسيلة تحدد الزمن (كالساعة) مثلاً نستطيع بالرجوع إليها أن نتأكد من دخول وقت الصلاة أو قرب دخوله .. ولكثرة انتشار أجهزة تحديد الوقت، ولوجودها في كل يد وعلى كل جدار وفوق كل طاولة، أوشك الناس ألا يعتمدوا في معرفة أوقات صلاتهم على الأذان، بل يكاد المرء يقول لو لم يرفع الأذان من منارات المساجد لما كان لذلك كبير أثر في أداء الصلاة، وهذا افتراض ولا شك، ولا يجوز شرعاًـ

ومع هذا الواقع الذي تم توصيفه، غاب من حياة المسلمين مسألة شرعية عظيمة وهي القيمة الشرعية للأذان .. وقد ساعد على ذلك إغفال أكثر كتب الفقه ذلك..! ولكنّ الذي يعتاد مناقشة المسائل الشرعية من خلال استعراض الأدلة من الوحيين (الكتاب والسنة الصحيحة) يقف على حقائق شرعية، قد لا يجدها في كتب الفقه.

وألخص ذلك فأقول:

إنّ الأذان إضافة إلى أنّه وسيلة للإعلام بدخول الوقت فهو شعيرة من شعائر المسلمين التي يجب أن تؤدى، وفي أدائها تفصيل سيأتي إن شاء الله، وهذه بعض الأدلة:

. عن أنس: (أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا بنا قوما لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر إليهم، فإن سمع أذانا كف عنهم، وإن لم يسمع أذانا أغار عليهم).

وقد استخلص العلماء من هذا الحديث أنّ الأذان شعار الإسلام، وأنّه لا يجوز تركه، ولو أنّ أهل بلد اجتمعوا على تركه كان للسلطان قتالهم عليه.

. قال صلى الله عليه وسلم: (يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةٍ لِلْجَبَلِ يُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ وَيُصَلِّي فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ يَخَافُ مِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ).

وفي هذا الحديث ملمح هام وخفي، وهو أنّ هذا الراعي ليس حوله أحد يعلمه بدخول أو قرب وقت الصلاة فلم يؤذن..؟ ليس من جواب إلا لأنّ الأذان شعيرة من شعائر الإسلام يجب أن تؤدى ولو كان الإنسان وحده … ويؤيد هذا المعنى الأحاديث الآتية:

. عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان الرجل بأرض قِيٍّ {أرض فلاة} فحانت الصلاة فليتوضأ فإن لم يجد ماء فليتيمم فإن أقام صلى معه ملكاه وإن أذن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يرى طرفاه).

. وعن مالك بن الحويرث أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال له ولنفر من قومه حين استأذنوه في السفر إلى قومهم: (ارجعوا إلى أهليكم فكونوا فيهم وعلموهم ومروهم وصلوا كما رأيتموني أصلي، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم).

يؤخذ من الأدلة السابقة أنّ الأذان واجبٌ على كل مصل لأنّه شعيرة إسلامية تسبق الصلاة، أما الذي سيؤدي الصلاة مع الجماعة في المسجد، فإنّ أذان المؤذن يسقط عنه وجوب الأذان وبالتالي أداء هذه الشعيرة.

بقي الذي يصلي في بيته من رجل معذور في ترك الجماعة، أو امرأة، والمرأة ليست مأمورة بها، فالراجح وجوب الأذان والإقامة في حقيهما.

وما حكم من صلى منفردا ولم يؤذن؟ صلاته صحيحة ويأثم بترك واجب الأذان.

وقد أخرج بعض الفقهاء النساء من الحكم السابق بحديث موضوع (ليس على النساء أذان ولا إقامة). والراجح أنّهنّ والرجال سواء في الحكم السابق لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنّما النساء شقائق الرجال)، ولِما ثبت عن عائشة رضي الله عنها: (أنّها كانت تؤذن وتقيم). ولِما صح عن ابن عمر: (أنّه سئل هل على النساء أذان؟ فغضب وقال: أنا أنهى عن ذكر الله. .؟).

والله أعلم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على معلم الناس الخير.