Skip to main content

التَطَيُّرُ وَالتَّشَاؤُمُ

By الثلاثاء 11 محرم 1436هـ 4-11-2014ممحرم 20, 1441بحوث ومسائل, عقيدة

ما أكثر الأسئلة التي ترد على المفتين وتتناول موضوعات متكررة مثل (الطيرة، التشاؤم، العين، مس الجن، والسحر). والحقيقة أنّ القول الفصل، في تناول هذه الأمور ومعالجة الظواهر المتصلة بها في المجتمع، هو رد الناس إلى التوحيد الصحيح لأنّ مشكلتهم (خلل في التوحيد)! والشفاء فيه وليس في شيء آخر .. لكن اقتناع الناس بهذا الحل قليل لوجود خطٍ موازٍ من انتشار الخرافة والقصص الخيالية بين الناس، ووجود طبقة من الدجاجلة والمشعوذين الذين يبتزون الناس ويقنعونهم بأفعال وممارسات يشاهدونها فيظنون ما يرون حقاً.


نبدأ بـ: التطير والتشاؤم…

التطير والتشاؤم بمعنى واحد، وهما ضد التيمن والتفاؤل بمعنى توقع الخير والاستبشار به.

ولعل أصل تلك الألفاظ أنّ العرب في جاهليتهم كانوا إذا أرادو الإقدام على أمر زجروا الطير فإن اتجهت يميناً تفاءلوا بها وأقدموا وأسموا الطير المتجهة يميناً بالسوانح، وإن اتجهت الطير شِمالاً تطيروا وتشاءموا وتركوا ذلك الأمر، وأسموا الطير التي تتجه يسارا بالبوارح. وقد جاء في لسان العرب: (الزَّجْرُ للطير هو التَّيَّمُّنُ والتَّشَاؤُمَ بها والتَّفَؤُّلُ بطيرانها كالسَّانِحِ والبارِحِ وهو نوع من الكَهَانَة والعِيَافَةِ).

وقد كان هذا العمل منتشراً عند أكثر العرب. وجاء الإسلام وحارب ذلك الاعتقاد واعتبره من الشرك بالله. لأنّه زعم أنّ الطير تعلم المُغَيَّب وتحذر منه أو تبشر. لكن تلك العادات بقيت منتشرة في المجتمعات التي ليس عندها الإيمان الصحيح المؤصل. والعجيب أنْ نرى تلك العادات والمعتقدات تظهر في المجتمعات المسلمة التي ضعف فيها تعلم العقيدة الصحيحة وصارت تقلد ما عليه مجتمعات الكفر. ويتناقل الناس تلك الأحاديث في مجالسهم وبخاصة مجالس النساء.

وقد استعمل لفظ (التطير) في كتاب الله في قوله تعالى: (فَإِذَا جَاءَتْهُمْ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ).

والمعنى: أنّ آل فرعون إذا أصابتهم الحسنة، أي الخِصَب، والسعة، والعافية، كما فسره مجاهد وغيره قالوا: لنا هذه أي نحن الجديرون، والحقيقون بها، ونحن أهلها، وإن تصبهم سيئةٌ، أي بلاء، وقحط يطَّيروا بموسى ومن معه، فيقولون: هذا بسبب موسى وأصحابه، أصابنا بشؤمهم. وأجابهم الرب تبارك وتعالى، إنّما جاءهم الشؤم من قَبْل موسى بكفرهم، وتكذيبهم بآياته، ورسله.

أما النصوص التي جاءت في تحريم الطيرة بكل أشكالها فهذا بعضها: في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ وَأُحِبُّ الْفَأْلَ الصَّالِحَ). ولهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لاَ عَدْوَى، وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِى الْفَأْلُ) قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ: (كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ)). وفي رواية: (الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ).

وعن ابن مسعود مرفوعاً: (الطِّيَرَةُ شِرْكٌ قَالَهُ ثَلَاثًا، وَمَا مِنَّا إِلَّا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ). والمقصود بقوله: وما منا إلا، أي وما من أحد إلا وتخطر الطيرة في باله.

وعن عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((من ردَّته الطيرة عن حاجته فقد أشرك). قالوا: وما كفارة ذلك؟ قال: (أنْ تقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك)).


ويتكرر في بعض الأحاديث معنى يجب إيضاحه وهو أنّ الطيرة لا يؤاخذ عليها إنْ كانت خاطرة تخطر في البال، وإنّما المؤاخذة أنْ تُصبح فعلاً. ففي صحيح مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي أنّه قال: (وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ. قَالَ: (ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ فَلَا يَصُدَّنَّهُمْ)).

وقال عكرمة: كنا جلوساً عند ابن عباس فمر طائر يصيح، فقال رجل من القوم: خير، خير، فقال ابن عباس: (لا خير، ولا شر). فبادره ابن عباس بالإنكار عليه، لئلا يعتقد أن له تأثيراً في الخير، أو الشر.

وخرج طاووس مع صاحب له في سفر، فصاح غراب، فقال الرجل: خير، فقال طاووس: (وأي خير عنده؟ والله لا تصحبني).

وقال بعض العلماء إنّ في الطيرة أربعة محذورات شرعية:

1. شركاً بالربوبية لما فيها من ادعاء علم الغيب، ولما فيها من اعتقاد جلب النفع، ودفع الضر.

2. شركاً في الألوهية، لما فيها من تعلق القلب بغير الله، فيما لا يقدر عليه إلا الله.

3. إنّها تضعف قلب الإنسان، وتفتح عليه باب الخوف من غير الله، وتقوده إلى الدجل والخرافة.

4. إنّ فيها اعتماداً على ما ليس سبباً لا شرعاً، ولا قدراً.


وقد درج الناس على التشاؤم ببعض الشهور أو الأيام أو الأرقام وغير ذلك من الأسماء والأشكال وبعض الحيوانات كالغراب والبوم وغيرها مما لا حصر له. وقد أبطل الإسلام هذا الزعم، فعن أبي هريرة مرفوعاً: (لا عدوى، ولا هامة، ولا صفر، خلق الله كل نفس فكتب حياتها ومصيباتها ورزقها).


فالمؤمن بالله، وقضاء الله وقدره، خيره وشره، يعيش حياته مطمئناً متفائلاً يحسن الظن بخالقه ومليكه، ولا يُقصر في اتخاذ الأسباب التي أمر بها شرعاً، وإنْ أصابه شيء مما يكره استقبل قدر الله بالصبر والاسترجاع والاحتساب.

ويجب أنْ لا يغيب عن إدراك المسلم الحديث العظيم الذي فيه أعظم سلوى في هذه الحياة. يقول عليه الصلاة والسلام: (عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَه). وفي حال الشدائد تصيبه، يبقى على صبره واحتسابه وشكره، على أنّ المصيبة لم تكن أكبر، وأنّها لم تكن في الدين، وأنّه أوتي معها الصبر .. وينتظر من ربه الفرج والعافية والسلامة، لا يعرف اليأس من روح الله، طريقاً إلى قلبه، لأنّ ذلك شيمة أهل الكفر (إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ).


ويتناقل الناس أحياناً بعض الوقائع عن التطير ووقوع ذلك فعلاً لمن تطير..! ولكن أكثر تلك الحوادث هي مما يشيعه الناس بينهم لغرابته، وقد يكون وهماً أو مبالغاً فيه. على أنّ ذلك ممكن أنْ يقع اتفاقاً، أو أنّ الله تبارك وتعالى يريد أنْ يوقع المتطير الذي خالف ما أمر به شرعاً، في شر عمله ليكون جزاء وفاقاً، وليكون عبرة لغيره من الناس. والأصل في دين الإسلام أنْ لا تطير ولا تشاؤم.

تبقى مسألة شرعية من الأهمية بمكان أشكلت على كثيرين وهي الأحاديث الثلاثة الآتية: قال عليه الصلاة والسلام:

(إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِى ثَلاَثَةٍ فِى الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ).

(الشُّؤْمُ فِى الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالْفَرَسِ). (إن يك من الشؤم شيء حق ففي المرأة والفرس والدار).

والأحاديث الثلاثة صحيحة وهي في الصحيحين أو في أحدهما، ويلاحظ المدقق أنّ في الأول والثاني منهما حصراً وجزماً بأنّ الشؤم في الأشياء الثلاثة المذكورة. أما الحديث الثالث ففيه شرط (إن يك من الشؤم شيء حق) وفي رواية: (إن كان…) وفي رواية: (لو كان …)، وهذا المعنى هو الذي ينسجم مع النصوص الأخرى التي تنفي الشؤم والطيرة في الإسلام بشكل عام، فلا يكون تعارض .. وهناك من الأدلة ما هو أخص، في المعارضة، كالحديث الصحيح الآتي: (لا شؤم، وقد يكون اليمن في ثلاثة: في المرأة والفرس والدار)، ولا يمكن أنْ يكون مثل هذا التعارض الواضح بين النصوص الصحيحة! ويصبح المراد من الحديث الثالث كما ذكر الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة: (لو كان الشؤم ثابتاً في شيء ما، لكان في هذه الثلاثة لكنه ليس ثابتاً في شيء أصلاً. وعليه فما جاء في بعض الروايات بلفظ (الشؤم في ثلاثة). أو (إنما الشؤم في ثلاثة) فهو اختصار، وتصرف من بعض الرواة. والله أعلم).

وما دامت الروايات التي جاءت بلفظ (الشؤم) أو (إنّما الشؤم)، صحيحة وهي في الصحيحين وغيرهما، ولكنّها تُخالف الأصل العام في نفي الشؤم والطيرة في الإسلام، فلا بُد من الجمع بين الروايات الصحيحة وعدم إهدار بعضها، كما هي القاعدة .. وعلى هذا فقد قال الشيخ الألباني رحمه الله: (إنّ الروايات التي جاءت بالجزم فيها تصرف من الرواة، وتكون الرواية الصحيحة المعتمدة ما جاء بالشرط (إن يك) و(إن كان)، وتكون الرويات المخالفة (شاذة) حسب قواعد علم المصطلح، إزاء رواية الشرط (المحفوظة) لأن فيها زيادة من ثقة، والقاعدة تقول (زيادة الثقة مقبولة)).

هذا ما يخص علم الرواية، أما علم الدراية فيقال: إنّ الإسلام يوجه كل مسلم ابتلي بزوجة أو مركب أو مسكن أو جار فيه من الصفات ما ينغص حياته، أنْ يفارق ذلك الشيء الذي هو مصدر التنغيص .. ولنقرأ الحديث الآتي: من حديث أنس قال: (قال رجل: يا رسول الله إنا كنا في دار كثير فيها عددنا وكثير فيها أموالنا، فتحولنا إلى دار أخرى، فقل فيها عددنا وقلت فيها أموالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ذروهما ذميمة)). فنجد النبي الكريم، بأبي هو وأمي، الرؤوف الرحيم بالمؤمنين، يأمر الذين يشكون ما يُعانون في دار سكنوها، بتركها فوراً ويصف الدار بأنّها (ذميمة) ليبين لهم مشاركته لهم فيما يعانون، وليؤكد لهم اقتناعه بشكواهم. فترك الدار، وهم مسكونون بكراهيتها، ونسبة كل شيء يعانونه إلى شؤمها، لا ينبني عليه أي محذور، إنّما المحذور الأكبر في بقائهم فيها، وهم تحت وطأة الشعور بشؤمها، وذلك تكريس للتطير في النفوس! وقد يأتي آخرون فيسكنونها ويجدون فيها كل نعيم .. ونلاحظ المعالجة النبوية التي تنسجم مع هذا الأصل الشرعي، في ما يخص الزواج، جاء في الحديث الصحيح: (ثلاثة يدعون الله عز وجل فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه، ورجل آتى سفيها ماله وقال الله تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ}). فلا مجبر لطرفين لم يؤلف بينهما الزواج، على بقائهما في أتون المعاسرة والمعاندة والكره، وجُعل عدم المفارقة من الرجل ذنباً يحول دون استجابة الدعاء .. ولا مانع في هذا السياق من إيراد حديث ضعيف يزيد من إيضاح المعنى المراد، وقد أجاز العلماء الاستشهاد بالضعيف، شرط الإشارة إلى ضعفه، وكان الشيخ الألباني يصف مثل هذه الأحاديث بقوله: (يصح معنىً ولا يصح مبنىً)، والحديث ما روي عن سعيد بن المسيب قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشؤم؟ قال: سوء الخلق). وقال الشيخ الألباني: (وهذا مرسل).

إذن الشؤم ليس في تلك الأعيان، وإنّما هو شعور نفسي يراود من هو في تماسٍ معها، ويزول بمفارقتها .. فما أرقاها من معالجة نفسية سبق إليها النبي الأمي، وما أعظم دين الإسلام، وما أهونه على كثير من أهله، حين تركوه وراءهم ظهرياً..! وما ذكر قبلاً يشهد له الحديث الآتي: (أَرْبَعٌ مِنَ السَّعَادَةِ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ وَالْجَارُ الصَّالِحُ وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ. وَأَرْبَعٌ مِنَ الشَّقَاوَةِ: الْجَارُ السُّوءُ وَالْمَرْأَةُ السُّوءُ وَالْمَسْكَنُ الضيق والمركب السوء). فالأعيان المذكورة، تكون للإنسان مصدر سعادة أو شقاء، لصفات معينة فيها.


ثم نعرج، ولو بعجالة، على موضوعات لها الانتشار نفسه في حياة الناس، ولها الانتماء الشرعي نفسه إلى التوحيد. وإنّ تعاطي الناس معها يقوم على عادات وممارسات، أبعد ما تكون عن تحكيم الشرع. تلك هي السحر والعين ومسُّ الجن. وكلها حق. وجاء في السنة أحاديث كثيرة عن تلك الموضوعات هذه بعضها.


العين:

قال عليه الصلاة والسلام:

(استعيذوا بالله من العين فإنّ العين حق)

(إنّ العين لتولع بالرجل بإذن الله تعالى حتى يصعد حالقا ثم يتردى منه).

(كان يأمر أن نسترقي من العين).

(لَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقُ الْقَدَرِ لَسَبَقَتْهُ العينُ).

(العين تُدخل الرجلَ القبر والجملَ القدر).


السحر:

قال صلى الله عليه وسلم:

(مَنِ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنَ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ)

(اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيم ، وَالتَّوَلِّى يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاَتِ). متفق عليه.


مسّ الجن:

ومن أدلة ذلك قوله تعالى: (الَّذين يأكلون الرِّبَا لا يقومون إلاَّ كما يقوم الَّذي يتخبَّطه الشَّيطان من الْمَسِّ). والأصل في المثل أنْ يُساعد على زيادة إيضاح الفكرة، وبدهي جداً أنْ يكون المثل معروفاً ومشاهداً، عند المخاطب بالمثل ليحصل المقصود .. ومن الأدلة قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ).

وإذا تعامل المسلم مع العين والسحر ومس الشيطان، بالتوحيد الصحيح، وهو أنّه لا فاعل في هذا الوجود إلا الله تبارك وتعالى، وأنّ أي مؤثر في الوجود كالجراثيم الممرضة، والأدوية الشافية، والعين والشياطين والسحرة، لا يمكن أنْ يصل تأثيرها إلى أحد من البشر إلا إن أذن الله وشاء ذلك، وبالتالي فمن وقع تحت تأثير شيء من ذلك يلجأ إلى الله بالطاعة والدعاء فهو وحده القادر على منع ذلك عنه، وليس عند أحد .. حتى العمل بما يضيع وقت الناس لمعرفة التفاصيل، مَنِ العائن، ومَن الساحر، وأين السحر، إلى غير ذلك من استقصاءات؟ فكلها لا علاقة لها بالحل والمعالجة.

وأختم بكلام للشيخ الألباني رحمه الله جواباً عن سؤال جاءه: (كيف يكون العلاج من السحر والعين والصرع؟ فأجاب:

لا أعلم علاجًا للسحر سوى الرقية المشروعة وتلاوة القرآن واللجوء إلى الله عز وجل، والتضرع إليه لمعافاة هذا المسحور من السحر. أما إتيان الكُهان وإتيان العرَّافين لاستكشاف من الذي سحر؟ وما نوع السحر؟ من أجل فكه ونحو ذلك، فهذا مع أنّه لا ينفع فهو تعاطٍ لأسباب غير شرعية، بل قد تكون من الأسباب الشركية لما في بعضها من الرقى التي لا يُعرف معانيها، وقد يكون فيها استعاذة بالشياطين الذين لا نعرف ما هي أسماؤهم، وإنّما يعرف ذلك هؤلاء الدجالون الذين يستعينون بقرنائهم من الجن كما قال رب العالمين في القرآن الكريم: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا}، أما ما يتعلق بالمصاب بالعين والمصروع، فالمصاب بالعين له علاج مذكور في كتاب الموطأ وغيره، أن يُظنَّ بالعائن فإذا عُرف، فيؤمر بأن يتوضأ وأن يؤخذ وضوءه- الماء الذي توضأ به- ويمسح بذلك أطراف المُعان فيكون ذلك سببًا شرعيًا لشفائه، وفي الحديث شيء من التفصيل الآخر ربما لا يحضرني الآن، فهذا موجود في كتاب الموطأ وفي غيره من كتب السنن. أما المصروع الذي تلبَّس به الجني فهذا علاجه تلاوة آيات من القرآن الكريم من مسلم صالح معروف بالصلاح، فهذا يفيد في كثير من الأحيان .. هذا ما عندي من جواب على هذا السؤال). والحمد لله رب العالمين