Skip to main content

ما القول الفصل في تفسير فواتح سور القرآن التي تبدأ بالحروف مثل (ألم،ألر، طه)؟

By الجمعة 14 محرم 1441هـ 13-9-2019ممحرم 18, 1441التفسير, سؤال وجواب

س: كثر الكلام عن تفسير فواتح سور القرآن التي تبدأ بالحروف مثال: (ألم،ألر، طه). وأنّ تفسير تلك الفواتح ورد في لغات أخرى كالآرامية والسريانية كما يتكلم أحدهم في مقاطع على اليوتيوب . فما القول الفصل في ذلك؟ جزاكم الله خيرا

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله، وبعد:

عودنا أعداء الدين المتربصون به، والذين لا تنقطع عداواتهم إلى يوم القيامة، أن يقدموا بين يدي دسائسهم فرقعات تسحر أعين الناس، فيظنون بمحدثيهم خيراً، ويعتقدون أنهم صادقون فيما يكذبون به على الإسلام، فيكسبون ثقة الجهال في الدين، والذين يجدون في قلوبهم لجهلهم ثغرات إيمانية ينفذ منها هؤلاء الدجاجلة. أسترجع إلى الذاكرة مصريا خرج علينا في السبعينات، اسمه الدكتور رشاد خليفة، وكان مقيماً في أمريكا، بنظرية (الإعجاز العددي في القرآن)
وفصل فيها تفصيلاً حتى اشتغل بها علماء ودعاة. وزعم أن دراسته تلك التي استخدمت الحاسوب، قد أودعها مكتبة الكونغرس الأمريكي. وتلقاها المشتغلون بالإعجاز العلمي من المسلمين بقبول حسن، وأنها من أدق ما قيل في الإعجاز وطاروا به فرحاً. وبعد أن مكن رشاد لنفسه، بدأ يطلع على الناس بمقولات كان أغربها تحديد يوم قيام القيامة ثم أتبعها بادعاء النبوة، وتبين أنه من الطائفة البهائية. وكانت عاقبته أن اقتحم عليه رجل باكستاني صبيحة عيد الأضحى وذبحه في فراشه ذبح النعاج (ونحن من موقع إسلامي لا نجيز عملا كهذا)
وبعد هذه المقدمة الطويلة، فلندخل في الموضوع .. ونبدأ بإقرار القواعد الآتية:

1.
لا نقبل لأنفسنا ولا لغيرنا أن نعتقد أن في قرآننا ما هو غير مفهوم، منتظرين أن يأتي الدجاجلة لبيانه، فرسول الله ما مات حتى بين ما ينبغي بيانه، أم أن هناك ما استعصى عليه بيانه؟ والله يقول: (
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ).

2. كل علم في الدين لم يأتنا عن الله ورسوله فليس بنافع لنا لا بدنيانا ولا بأخرانا، لأن الله ورسوله لا يضنان علينا بنافع.. وبالتالي فالجهل بما لم يأت عن الله ورسوله علم لأنه وقوف حيث أراد لنا ربنا ونبينا أن نقف .. والجهل بما سكت عنه الله ورسوله لا يضر، لأننا لن نُسأل عنه .

جاء عن ابن القيم قوله: (يخطيء من يظن أنّ النبي عليه السلام قد علم الصحابة والأمة من بعدهم حروف القرآن وحسب، والصحيح أنه علمهم حروفه ومعانيه).

 
 

وبالنسبة لفواتح السور من الأحرف المقطعة لم يرد في السنة ألبتة أي إيضاح لها، فهل تعتبر علما نافعا، حتى ننتظر من يخوض لنا فيه؟

ويطرح سؤال نفسه: ألم يسأل الصحابة النبي عليه السلام عنها؟ والجواب لم يرد في السنة أي إشارة إلى ذلك.

والسؤال الثاني: ألم يكونوا مهتمين بدينهم، حريصين عل تعلم كل شيء؟

بلى .. ولكن كان عندهم من الفهم والوعي والإيمان، ما يجعلهم على يقين أنّ هذا النبي لم يبعث فينا إلا ليعلمنا ما ينفعنا في ديننا، ولن يضن علينا بعلم نافع، ولن ينسى شيئا فعلمه وحي .. فما علمنا هو العلم النافع الذي يجب أن نشتغل ونحتفي به، وما لم يأتنا به فعلم غير نافع، لا يجوز الآشتغال به وتكلف اقتفائه.

أما بعض مسلمي زماننا فلجهلهم وضعف إيمانهم، لا يقنعهم الوقوف عند ما جاء عن الله ورسوله، بل يلهثون وراء ما لم يأتهم وهو ليس علما نافعا يُسألون عنه، يطلبونه عن الدجالين والمغرضين والمشككين .. والله أعلم.