س: هل تطعم الحامل والمرضع عن أيام الحيض والنفاس؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله، وبعد:
عند قضاء الصوم لا بد من النظر إلى سبب الفطر، فإن كان مرضاً أو سفراً كان الواجب فيه القضاء لقول الله تبارك وتعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ). وإن كان حيضاً أو نفاساً كان الواجب القضاء أيضاً لقول عائشة رضي الله عنها: (وَعَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ أَنَّهَا قَالَتْ لِعَائِشَةَ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ .. والنفاس في حكم الحيض.
وأما إذا كان السبب كبر السن، أو المرض المزمن، أو الحمل والإرضاع، فحكم هذه الشريحة (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ). فيطعم هؤلاء عن كل يوم مسكيناً، ولا يقضون.
وعلى ذلك فإنّ الحامل والمرضع تقضيان أيام النفاس والحيض ولا تطعمان عنها، لأنّ سبب فطرها ليس الحمل أو الإرضاع. ويمكن ذكر تعليل آخر، نسأل هل يجوز للحامل والمرضع أن تصوما؟ والجواب: نعم. ويمكن طرح السؤال بشكل آخر، هل يجب عليهما الفطر؟ الجواب: لا، إنّه اختيار. والآن نسأل هل يجوز للحائض والنفساء الصوم؟ الجواب: لا. ونسأل هل يجب عليهما الفطر؟ الجواب: نعم. إذن الحيض والنفاس سببٌ أخص للفطر، من الحمل والإرضاع فيقدم الأخص على الأعم في الحكم. والله أعلم
وقد يقول قائل ما دام الله تبارك في علاه قد مَنّ على الحامل والمرضع بهذه الرخصة، فلِمَ نَتحجَّر واسعا، ونُحَرِّج على هذه الشريحة أن تستفيد من رخصة الإطعام مع كل فطر؟ أقول: العقل والأماني تسبح دائماً في فضاء مفهوم النصوص، وتتمنى..! ولكن السلامة، كل السلامة، لا تكون إلا في القواعد ودقة تطبيق منطوق النصوص، ولا يغلب المنطوقَ المفهومُ، عند الأصوليين، وهذا ما أصَّلناه .. والحمد لله على توفيقه
